الأطفال و إدماجهم
الاجتماعي و الاقتصادي في المجتمع
-دور قطاع
التكوين و التّعليم المهنيين في الجزائر-
يُعرَّف الطفل في اتفاقية الأمم المتحدة
لحقوق الطّفل بأنّه كلّ إنسان لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة، ما لم تحدد القوانين الوطنية سنّا أصغر
للرّشد. و إذا أخذنا هذا التعريف بعين الاعتبار، نستطيع القول أنّ عددا كبيرا من
الأطفال يتابعون تكوينا مهنيّا بقطاع التكوين والتّعليم المهنيين بالجزائر على
اعتبار أنّ هذه الفئة العمرية هي الأكثر إقبالا على مؤسساتنا التكوينية. كما يشير
هذا إلى أهميّة و أولويّة العناية بهذه الفئة، وضرورة العمل على الإدماج
الاجتماعي و الاقتصادي لها.
تستقبل المؤسّسات التكوينية التابعة لقطاع
التكوين و التعليم المهنيين في الجزائر أكثر من نصف مليون متكوّن في السّنة، تشكّل
الفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة نسبة 40 في المائة من التعداد الإجمالي لهؤلاء ما
يعني أنّ الهدف من التّكوين المهني ليس فقط تدريب القوى العاملة الماهرة، وتلبية
متطلبات واحتياجات سوق العمل إنّما كذلك حماية هؤلاء الأطفال من الإساءة البدنية
أو العقلية و من الإهمال بما في ذلك الإيذاء أو الاستغلال الجنسيين وفق ما تنصّ
عليه بنود الميثاق العالمي لحقوق الطّفل.
لقد بذلت الوزارة الوصية جهودا معتبرة على طريق أنسنة
القطاع و تحسين ظروف و أساليب التنظيم
والتخطيط و إنشاء المشروعات و إجراءات الأمن والسّلامة و البيئة و الجوانب الصحية
الخاصة بالمهنة على مستوى المؤسسات التكوينية الجزائرية، و هو ما يساعد على
التكفّل بالمتكوّنين لا سيما الأطفال منهم؛ غير أنّ ذلك لم يحقّق المستوى المطلوب
لا سيما في بعض مجالات النّشاطات اللاّصفية كالتربية البدنية والرياضية، و استغلال
فضاءات النّشاط كالمكتبات وقاعات الملتيميديا و غيرها. ينبغي إذن استغلال الوسائل
المتوفّرة محليّا و تنظيم النّشاطات من خلال التعاون مع مختلف الشّركاء من
الدّوائر الوزارية لضمان تكفّل أمثل بالمتكوّنين بصفة عامّة واليافعين منهم بصفة
خاصّة من خلال رفع حجم النّشاطات الثقافية والرّياضية و تنظيمها داخل وخارج
المؤسسة مثل تنظيم الرحلات، زيارة المتاحف، التبادل ما بين المؤسسات التكوينية
محليّا وما بين الولايات، عرض الأفلام وتنظيم الندوات، إنشاء النوادي الثقافية و الفضاءات
الإلكترونية، تنظيم ورشات الموسيقى والمسرح، الرّسم، إعداد مجلّة المؤسسة ... إلخ.
بالإضافة إلى توفير الشّروط الأساسية للعناية
بالمتكوّنين كتوفير البرامج و المناهج، والتجهيزات و مواد العمل الأوّلية و توفير
التأطير البيداغوجي حيث نسجّل على سبيل المثال تراجع
معدّل التأطير إلى أستاذ مؤطر واحد لكلّ 45 متربصا سنة 2008 مقابل مؤطر واحد لكلّ 35 متربصا سنة 2007، ناهيك عن ضرورة الاستخدام الواسع لتكنولوجيات
الإعلام والاتّصال(TIC)، و تعليم اللّغات الأجنبية كاللّغة الإنجليزية المستخدمة على نطاق
واسع في العالم. كما أنّه من الضّروري بمكان
إيلاء العناية إلى تنويع عروض التكوين من حيث الأنماط و المدد التكوينية التّي يجب
أن تتراوح برامجها بين القصيرة، الطّويلة، و التناوبية مع استهداف مختلف الشّرائح.
من خلال ما سبق
يبدو دور قطاع التكوين و التعليم المهنيين في الإدماج الاجتماعي والاقتصادي
للأطفال في المجتمع جوهريا و مهمّا، خاصة إذا علمنا أنّ هؤلاء الأطفال إذا لم تتم
حمايتهم من خلال مؤسّسات الدّولة الجزائرية فإنّهم سيبقون عرضة إلى عديد
الانتهاكات التّي تمسّ حقوقهم الأساسية، فنظرة سريعة إلى مختلف الإحصائيات
المنشورة لسنة 2013[1]
تؤكّد تورّط 6000 طفل جزائري دون سن 18 في الإجرام(بما في ذلك القتل العمدي)، وتعرّض
أكثر من 10 آلاف طفل لمختلف أشكال العنف سنة 2013، أي بمعدّل 60 طفل يوميا. إنّها
أرقام مرعبة جاءت كنتيجة حتمية لتسرّب أكثر من 95 % من المتمدرسين في مرحلة التعليم
الأساسي و إلى غاية مرحلة التعليم العالي، ممّا يعني أنّ 5 %فقط من الأطفال الذين دخلوا إلى المدرسة يصلون إلى مرحلة التعليم العالي[2].
أحمد بلقمري. مستشار التّوجيه و
التّقييم و الإدماج المهنيين © 2014 جميع الحقوق محفوظة
[1] أنظر صحيفة الخبر
–الجزائرية-، عدد يوم الثلاثاء 11 مارس 2014
ليست هناك تعليقات:
اكتب commentsملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.